بعد نيل موافقة مجلس FIFA في مايو/أيار، سيخوض فريق اللاجئات الأفغانيات مباريات دولية ودية في وقت لاحق من هذا العام
ستُنظم المدرّبة بولين هاميل ثلاثة معسكرات لاكتشاف المواهب وتحديد اللاعبات المؤهلات قبل اختيار القائمة النهائية
تستفيد اللاعبات المشاركات من مبادرات الدعم والتطوير التي تشكّل جزءاً من استراتيجية FIFA للعمل من أجل النهوض بكرة قدم السيدات في أفغانستان المؤلفة من ثلاث ركائز
في شهرٍ زخر بمنافساتٍ جمعت أفضل اللاعبات من أفريقيا وأوروبا وأوقيانوسيا وأمريكا الجنوبية من أجل الظفر بالمجد القارّي، ختمت مجموعة أخرى من اللاعبات الدوليات فعالية قد تكون أقلّ شهرة، ولكنّها ليست أقلّ إثارة: فبعيداً عن الأضواء، وفي مجمّع رياضي بالضواحي الغربية لمدينة سيدني، خطى فريق اللاجئات الأفغانيات خطواته الأولى من رحلة تتميّز بالاستعداد الفني والفخر والأهداف المشتركة.
ذلك أن مجلس FIFA كان قد صادق في مايو/أيار على إنشاء فريق لاجئات ضمن إطار استراتيجية FIFA للعمل من أجل النهوض بكرة قدم السيدات في أفغانستان، والمؤلفة من ثلاث ركائز، وما أن مرّ شهران من الزمن حتّى تمّ تعيين المدربة الإسكتلندية المُخضرمة بولين هاميل وتوظيف فريق عمل ملتزم وإعداد خطة متينة للعمل، إذ شهدت مدينة سيدني الأسترالية بين 23 و29 يوليو/تمّوز مشاركة مجموعة من اللاجئات الأفغانيات اللواتي يتمتّعن بالالتزام والصلابة في أول معسكر لاكتشاف المواهب من أصل ثلاثة سترتكز عليها المدرّبة هاميل لاختيار لاعبات الفريق التاريخي.
وتهدف هذه المبادرة إلى إنشاء فريق من 23 لاعبة للمشاركة في وقت لاحق من هذا العام بمباريات دولية ودّية يوافق عليها FIFA[NF1] ، وبالتالي الارتقاء بكرة قدم السيدات في أفغانستان لاستعادة مكانتها على الساحة الدولية، وذلك في إطار الأركان الثلاثة التي تقوم عليها استراتيجية FIFA الشاملة والممتدة على نطاق أوسع. أمّا الهدف المتوخى من هذه المبادرة على المدى البعيد، فهو تنفيذ الوعد الذي قطعته كرة القدم والذي يقضي بإتاحة الفرص وتحقيق إمكانية الوصول إلى المجتمعات وبعث بارقة أمل للجميع، بناهيك عما ستنطوي عليها المنافسة من إثارة وتشويق.
وفي هذا الصدد، قالت نيلاب إحدى اللاعبات المشاركات في معسكر يوليو/تمّوز: "لقد حصلتُ على فرصة التواجد هنا بفضل كوني لاعبة كرة قدم. حياتي أصبحت آمنة. وأمامي الكثير من الفرص. فقد أصبح صوتي مسموعاً، حيث ساعدتني كرة القدم كما ساعدت غيري من الفتيات. لقد ساعدتني كرة القدم بشكل كبير، وصرتُ أشعر بالحرية في كلّ ما أقوم به. هناك ما يميّز كرة القدم، فهي تمنحنا الكثير من الفرص والدعم".
وتابعت قائلة: "هدفي لا يتعلّق بي فحسب، بل بكلّ أفغانستان، وبخاصة السيدات والفتيات. وهذا البرنامج يساعدني ويقدّم لي الدعم ويعلّمنا كيف نساعد بعضنا وكيف نمثّل أفغانستان".
يُذكر أنّ التعهّد الذي قطعه FIFA لمساعدة اللاعبات الأفغانيات يتضمن الدعم الفردي المخصص، كتوفير المعدّات ومساعدتهنّ على التواصل مع الأندية المحلية، وتسهيل إمكانية استشارة الخبراء، والتدريب على التعامل مع وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي (بالإضافة إلى خدمة الحماية التي يقدّمها FIFA في مجال التواصل الاجتماعي)، فضلاً عن تحديد المسارات التعليمية والفرص المحتملة في مجال كرة القدم (وتشمل أيضاً التدريب والتحكيم).
وفي هذا الإطار، قال رئيس FIFA جياني إنفانتينو: "بعد مرور عام على الالتزام الذي قطعناه في باريس، يسرّني جداً رؤية الصور الأولى لمشاركة فريق اللاجئات الأفغانيات في معسكر اكتشاف المواهب، ومعرفة أنّ التجربة كانت غنية بالنسبة لهنّ،
وكلّي ثقة بأننا قطعنا خطوة مهمّة بالاتجاه الصحيح عندما قدّمنا لأولئك السيدات الفرصة للعب على الساحة الدولية مع وضع أمنهن وسلامتهن ضمن الأولويات. وهذه المبادرة هي جزء من استراتيجية FIFA الأوسع التي تتضمن تقديم الدعم للسيدات الأفغانيات في المنفى ومساعدتهنّ ليسلكن المسارات المتوفرة في عالم كرة القدم والاستمرار بالتواصل مع الجهات المعنية لمساعدة اللواتي لا يزلن في أفغانستان، إذ نفخر بتنفيذ هذا المشروع التجريبي، وسوف نعمل على توسيعه في المستقبل ليشمل سيدات من بلدان أخرى".
هذا ويسعى FIFA من خلال فريق اللاجئات الأفغانيات إلى تعميق الروابط بين اللاجئات وأوطانهنّ الأصلية وبلدان إقامتهن والرياضة وكذلك توطيد العلاقة التي تجمعهنّ ببعضهن، إذ يُراد من هذه المعسكرات الأساسية استكشاف المواهب واختيار اللاعبات اللواتي سيشاركن في المباريات الودّية. غير أنها أكثر من مجرّد تجارب عادية، فسواء نجحت اللاعبة بالانضمام إلى الفريق أم لا، سوف تحصل على مجموعة من خدمات الدعم التي يقدّمها FIFA، إلى جانب عدد من الفوائد، ناهيك عن فرصة الاستمتاع بمزاولة كرة القدم.
ومن جهتها، قالت هاميل التي فازت بمجموع 141 مباراة مع المنتخب الإسكتلندي، ودرّبت منتخب الشابات في كل من بلدها والمملكة العربية السعودية: "من الرائع تواجد اللاعبات هنا، فالآن نحن نتمتع بالفرصة للعمل معهنّ ومحاولة تقييم أدائهنّ، كما سنحت الفرصة أمامهنّ للمشاركة معاً ضمن بيئة لطالما رغبن بالانضمام إليها، وأظنّ أنّ هذا المشروع مذهل، فقد منح اللاعبات الفرصة للأداء واللعب معاً مرة أخرى، وأظنّ أنّهنّ سيخلقن الكثير من الذكريات وهو أمر ما كان ليتحقق في ظروف أخرى، فصناعة الذكريات مع فريقك أمر مميّز للغاية".
يُذكر أن هاميل هي واحدة من أصل 15 موظفاً عملوا مع الرياضيات الأفغانيات طوال سبعة أيام في سيدني، علماً أن فريق اللاجئات الأفغانيات يمنح الفرصة للاعبات لاختبار شعور تمثيل بلدهنّ والحفاظ على روابط العلاقة مع أفغانستان بالإضافة إلى ترسيخ جذورهنّ في مجتمعاتهنّ الحالية.
هذا وقد أمضى المدرّب المخضرم توم سيرماني سنوات عديدة من العمل ضمن أعلى المستويات في مجال كرة القدم الدولية، وهو الذي تولّى خلال مسيرته المهنية تدريب منتخبات أستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة الأمريكية، ولكنه صرّح بعد زيارة معسكر سيدني بأنّ القوة الأساسية لكرة القدم لا تكمن في قمّتها الفاتنة بل في قدرتها على تغيير حياة الأفراد.
“وأردف قائلاً: "الرائع في كرة القدم هو ما تمتاز به من قدرة على جمع الناس، فهي عابرة للحدود، ولا تميّز بين الغني والفقير ولا تهمّها الخلفية التي يأتي منها هذا الفرد أو ذاك، فالجميع يشاركون على قدم المساواة في لعبتنا، لأنها اللعبة الذهبية".
وكانت تجارب سيدني دلالة واضحة على التقدم الملموس، ففي العادة، يركّز العالم على أكبر المباريات والأسماء، ولكنّ كرة القدم تُعنى بالحرية واللعب والمنافسة. لذلك، فإنّ معسكر اكتشاف المواهب في أستراليا هو احتفال بروح كرة القدم الصافية.